بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تكلم الشيخ سلمان بن فهد العودة حفظه الله تعالى في هذا الدرس عن مواضيع مهمة شائعة بين الناس: عن الصيام وأحكامه، فبدأ بما انتشر عن بعض الناس من أن الامتناع عن الطعام من الليل للشخص موجب دخوله في الصيام، وعرض على مسائل مثل حيض المرأة ومنعه أو تطهرها فجأة، وعن الجنابة قبل الفجر، وحكم العاجز عن الصيام، وأثر السواك وخروج الدم على الصائم .
الامتناع عن الطعام والشراب قبل الفجر
أولا اللزوم قبل الفجر، وأن بعضهم يلزم أو يستاقد -كما يعبر العوام- قبل الفجر، ثم يظن أنه لا يصح له أن يأكل أو يشرب بعد ذلك حتى ولو أعجبه طعام أو شراب.
والصواب أن للصائم أن يأكل ويشرب ويفعل ما شاء من المباحات إلى أن يطلع الفجر، كما قال الله تعالى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187].
حيض المرأة بعد غروب الشمس
ثانياً: أن كثيراً من النساء تعتقد أنها إذا حاضت قبل صلاة المغرب، أو بعضهن تعتقد أنها إذا حاضت قبل العشاء فإن صومها غير صحيح، حتى ولو كانت قد غربت الشمس عليها وهي طاهرة! والصواب أن المرأة إذا غربت الشمس وأذّن المغرب عليها وهي طاهر، فصومها صحيح، سواء أصلت المغرب، أم أتاها الحيض قبل الصلاة، أم صلت العشاء، أم أتاها الحيض قبل الصلاة، فصومها صحيح في هذه الأحوال كلها، وبعض النساء تقول: لم أدر إلا بين المغرب والعشاء حينما نظرت فوجدت أنني قد حضت، ولا أدري متى أتاني الحيض؟ فلم أكن أعلم أني حضت قبل ذلك، فهذه المرأة أيضاً صومها صحيح؛ لأن الأصل أن يومها قد تم لها، ويحتمل أن الحيض ما نـزل عليها إلا في تلك اللحظة التي نظرت إلى نفسها فيها.
وقت الفطر في السفر
ومن الأخطاء المشهورة عند الناس أيضاً: أن بعضهم يعتقدون أنهم إذا نووا السفر، حق لهم الفطر حتى قبل أن يسافروا فعلاً، والصواب أن الصائم لا يجوز له أن يفطر، لا على أكلٍ، ولا شربٍ، ولا جماعٍ، ولا غير ذلك، إلا إذا سافر فعلاً، ولهذا قال الله عز وجل: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ [النساء:43] أي: متمكن من السفر واقع فيه، أما مجرد نية السفر، فإنها لا تبيح للإنسان أن يترخص برخصه.
دخول الفجر والإنسان جنب
كذلك: {اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقواتنا، ما أبقيتنا، وأحييتنا واجعله الوارث منا} ما معنى قوله:{ واجعله الوارث منا}؟ نحن نرددها في كل قنوت، قد لا يكون أحد تفطن إلى معناها.
معنى قولك: {واجعله الوارث منا} أي: يا رب إذا ضعفت قواي، وتناقصت من المرض، من الكبر والعجز أو غير ذلك؛ فاجعل سمعي وبصري وقوتي في جسمي، هي آخر ما يفقد مني، ومتعني بها إلى أن أموت، فأنـزلها منـزلة الوارث، وذلك لأن الوارث هو: من يبقى بعد موت مورثه، فكذلك جعل هذه القوة التي هي السمع والبصر، جعلها بمنـزلة الوارث الذي تضعف قوى الإنسان كلها، ويبقى السمع والبصر محفوظاً كأنه يرث الإنسان أي: يبقى معه إلى آخر عمره، فقوله:{ واجعله الوارث منا} أي: اجعلها بمنـزلة الوارث الذي يبقى بعد زوال غيره.
وقال بعضهم: إن قولك:{واجعله الوارث منا} وهذا جاء في الحديث أي وهو:{اجعلها في أعقابنا وذرياتنا من بعدنا}والمعنى الأول هو الأولى والأحسن والأظهر والله أعلم.
تعمد المرأة إيقاف الحيض في رمضان
السؤال: عمن تناولت مانعاً من موانع الحمل، أو موانع الحيض، فتوقف عنها الدم في رمضان، وقصدها في ذلك أن تواصل الصيام مع المسلمين أو أن تصلي معهم أو أن تعتمر، فما حكم ذلك؟.
الجواب: أن هذا العمل جائز، إذا كان لا يضر بصحة المرأة، فإنه يجوز لها أن تتناول مانعاً من موانع الحيض، حتى تواصل الصيام أو تواصل الصلاة مع الناس أو حتى تعتمر، فلا حرج عليها في ذلك إن شاء الله، وإن لم تفعل فهو خيرٌ لها وأفضل وتركت الأمر على طبيعته، وهو أصح لبدنها، وأبعد للعادة والحيض من الاضطراب الذي يصيب كثيراً من النساء.
ومما ينبغي أن يعلم أيضا أن المرأة إذا تناولت مانعاً ثم توقف عنها الدم؛ فإنها تصوم حينئذٍ، وصومها صحيح، وليس عليها صيام ذلك اليوم أو تلك الأيام فيما بعد، فإذا صح صومها في ذلك اليوم، ولم يأتها دم منذ طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فمن الذي يقول أن عليها أن تقضي ذلك اليوم بعد رمضان؟ هذا لا يصح أبداً، بل هو صوم صحيح كاملة شروطه، فلا حاجة لقضائه، ولا يشرع؛ بل لا يجوز قضاؤه، وإنما إن أحبت أن تتنفل بما شاءت فلها ذلك، أما ذلك اليوم، فصيامه صحيح، ولا قضاء عليها.